المفهوم العام التحكيم

في اللغة يأتي من المصدر “حكم” من باب التفعيل بتشديد الكاف مع الفتح وحكمه في الأمر أي فوض إليه الحكم فيه^([1]) ، وحكموه بينهم أي أمروه أن يحكم ويقال حكمنا فلانا فيما بيننا،وحكمته في الأمر فأحتكم أي جاز فيه حكمه ^([2]) ، وحكمت الرجل في مالي إذا جعلت إليه الحكم فيه فأحتكم على في ذلك ^([3])  وذكر التحكيم في القرآن الكريم منها: قوله تعالى ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [سورة النساء:65]

وقوله تعالى ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا  إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [سورة النساء:35]

والحكم من أسماء الله الحسنى ، ووردت آيات عده تدل على التحكيم ، وان الذي يحكم بين الناس يسمى حكماً كقولة تعالى : ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ … ﴾ [سورة ص:26]

ونستخلص من ما سبق ذكره إن معنى التحكيم لغويا إطلاق اليد في الشي محل التحكيم للغير وتفويضه بنظر النزاع ، ويسمى حكما أو محكما بتشديد الكاف مع الفتح أو محتكم إليه ،ويسمى الخصوم محتكمين ومفرده محتكم بكسر الكاف كما يسمى المفوضون محكمون ومفرده محكماً .

الفرع الثاني: تعريف التحكيم في الاصطلاح :

عرف فقهاء المسلمين التحكيم فنجد عند الأحناف : “تولية الخصمين حاكماً يحكم بينهما” وعند المالكية: “أن الخصمين إذا حكما بينها رجلاً وارتضاه لأن يحكم بينهما جاز” وعند الشافعية : “أن يتخذ الخصمان رجلاً من الرعية ليقضي بينهما فيما تنازعاه ”  وعند الحنابلة: “إذا تحاكم رجلان إلى رجل وحكماه بينهما ورضياه وكان مما يصلح للقضاء فحكم بينهما جاز” وعرفته المجلة العدلية في مادتها رقم (1790) التي نصت على أن التحكيم : “عبارة عن اتخاذ الخصمين حاكما برضاهما ليفصل في خصوماتهما ودعواهما ^([4]) 

([1])المنجد في اللغة والأعلام –كرم البستاني ،وعادل أمبوبا –دار المشرق العربي –بيروت –الطبعة الثامنة والعشرون -1986م–ص146

([2])لسان لعرب – للأمام العلامة أبي فضل جمال الدين بن منظور–دار إحياء التراث العربي–بيروت –ط2-1997-ص129

([3])الصحاح–لأبن نصير الجوهري الفارابي – ج4-ص1545-دار إحياء التراث العربي–بيروت–ط1-1999م.

  ([4])د. عبدالفتاح البتانوني – مفهوم المحكم في التحكيم التجاري الدولي– دار النهضة العربية –القاهرة–ط1-2013-ص25